37
37
روضة الصائم

فتاوى يجيب عنها فضيلة مساعد المفتي العام للسلطنة

14 أبريل 2021
14 أبريل 2021

الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي -

عدد كبير من الناس والمجتمع يغص بالذين يطلبون الأجر والثواب فيخصصون سنويا من أموالهم جزءا من أجل إفطار صائم، في ظل هذه الجائحة التي حالت بين الناس وبين الوصول إلى الصائمين، هل يمكن لهذه الأموال التي تخصص سنويًا أن تحول إلى أعمال بر أخرى، كمساعدة الفقراء والمحتاجين، خاصة أن المجتمع فيه عدد كبير من المسرّحين، وهناك أسر تضررت بسبب الجائحة. هذه الأموال التي أعدت للفطرة هل يمكن أن تتحول ويكون لها نفس الأجر والثواب؟

الجواب: لهذه المسألة ثلاث صور:

- الصورة الأولى: أن تكون هذه الفطرة وقفًا من الأوقاف التي شرط الواقف فيها تفطيرًا للصائمين، وهذه لا سبيل إلى تغييرها، إذ لا بدّ من التقيد بشرط الواقف، لأن شرط الواقف كشرط الشارع ما أمكن إلى ذلك سبيلا. وهنا في هذه الحالة فإن التنفيذ يكون بإيصال هذه الفطرة إلى المستحقين لها، كأن يقوم القائمون على هذه اللجان أو وكلاء هذه الأوقاف بإيصال فطرة الصائمين إليهم في بيوتهم مع الأخذ بالاحترازات الواقية من انتشار الوباء بإذن الله عز وجل هذا لا إشكال فيه لأنه مقدور عليه.

- الصورة الثانية: أن تكون من أموال تبرعات قصد بها أن تكون تفطيرًا للصائمين ففي هذه الحال هم إزاء تصرفين: إما أن يستأذنوا المتبرعين في أن يجعلوها في وجوه أخرى يرون أنها أكثر نفعًا للمستحقين، فإن أذن لهم المتبرعون فذلك حسن، وإن رأى المتبرعون أو جلهم أنه يريدون ابتغاء الأجر والثواب في أن تجعل في ما تبرعوا من أجله، وهو تفطير الصائمين، فليكن التنفيذ بنفس الطريقة في الصورة الأولى أي بإيصالها للمستحقين، لا باجتماع الناس عليها في المساجد والخيام أو الأماكن التي كانت تعد لتفطير الصائمين. وإن طابت نفوسهم وأذنوا بأن تدفع في وجوه البر الأخرى فانتفى الإشكال وحينئذ هم في سعة بأن يوجهوها إلى حيث هي أنفع، وأفضل وأصلح للمحتاجين والفقراء، لا سيما من تأثروا بهذه الجائحة في معائشهم.

- وأما الصورة الثالثة: فهي في الأموال التي لم تجمع بعد وإنما هم بصدد جمعها، أي أن القائمين على هذه اللجان وهؤلاء الذين يتبرعون خدمة للمجتمع بأعمال البر والخير والمعروف، هم بصدد أن يقوموا بحملات للجمع في هذا الوقت أو كانوا كذلك قبل أيام على سبيل المثال، فإذن لينظروا هم في أفضل ما يحتاج إليه المعوزون ومن تضرروا من جراء هذه الجائحة، وليجعلوا ما يجمعونه من أجلهم أي أن يدعوا الناس إلى التبرع في هذه الوجوه من نحو إغناء هؤلاء المحتاجين أو إطفاء ديونهم أو تمكينهم من حرفة جديدة يستعينون بها على عون أسرهم أو من سداد ما يتعلق بالتعليم أو باحتياجات وسائل تعليمية إلى غير ذلك مما انكشف لهم من أن طائفة من المجتمع بحاجة ماسة إليه. وبحمد الله تعالى فإن الإخوة والأخوات القائمين على هذه الجمعيات وعلى هذه الأعمال تفقدوا أحوال المجتمع وتحسسوها فهم، أدرى بالاحتياجات وحينئذ فالأولى أن تكون الدعوة إلى التبرع موجهة لمواجهة هذه المطالب من أول الأمر، ليسوا بحاجة إلى أن يدعوا إلى فطرة صائم ثم بعد ذلك لا يعرفون كيف يتصرفون بها. ولا ريب أن ما كان ملبيًا لحاجات الفقراء والمساكين وكان أنفع وأدوم فهو أعظم أجرا عند الله تبارك وتعالى، فوجوه البر والإحسان كثيرة في هذا الدين لا حصر لها ولا حد، وإنما ينبغي للمسلمين أن يتفقدوا أحوال إخوانهم وأن يسعوا إلى تلبيتها وإلى إغنائهم عن السؤال وعن التكفف، وأن يحفظوا ماء وجوههم وأن يكونوا في حاجتهم، فإن في ذلك من البر والثواب ما لا مزيد عليه بإذنه تعالى.